Reviews

هذا الحوار دار بين البروفيسور أفيناريوس وميلان كونديرا -أفيناريوس: ماذا تكتب على وجه التحديد؟ +كونديرا: ما أكتبه غير قابل للحكي. -أفيناريوس: للأسف. + كونديرا: لماذا للأسف؟ إنها فرصة في أيامنا هذه التي ينقضّ فيها الناس على كلّ ما يُكتب ليحوّلوه إلى فيلم، إلى دراما تلفزية أو إلى رسوم متحركة. وبما أن الجوهري في الرواية هو ما لا يمكن التعبير عنه إلا بالرواية، لا يبقى في الاقتباس إلا ما هو غير جوهري على أي شخص لديه ما يكفي من الجنون ليستمرّ في كتابة الروايات، إن هو أراد ضمان حمايتها، أن يكتبها بطريقة تجعل اقتباسها متعذرًا، أو بعبارة أخرى، تجعل حكيها متعذرًا. لم يوافق أفيناريوس على هذا الرأي فقال-: - أستطيع أن أحكي لك باستمتاع كبير رواية أليكساندر دوما "الفرسان الثلاثة" متى شئت، ومن بدايتها حتى نهايتها. + كونديرا: أنا أحب مثلك أليكساندر دوما، لكنني آسف أن تكون كل الروايات تقريبًا التي كتبت حتى يومنا هذا خاضعة بشكل مفرط لقاعدة وحدة الحدث، أقصد أن أحداثها ووقائعها جميعًا تقوم على تسلسل سببي واحد. إن هذه الروايات تشبه زقاقًا ضيقًا تطارد فيه الشخصيات ونحن نجلدها. إن التوتر الدرامي هو اللعنة الحقيقية التي حلّت بالرواية لأنه يحوّل كل شيء، بما في ذلك أبدع الصفحات، وأكثر المشاهد والملاحظات إدهاشًا إلى مجرد مرحلة تقود إلى الحل النهائي الذي تتركز فيه معنى كل ما سبقه. هكذا تحترق الرواية بناء توتّرها الخاص مثل حزمة قش. دا كان وصف ميلان كونديرا للرواية يعني مينفعش حد يسألك بتقرأ لمين وتقول بقرأ الخلود ويرد عليك بتتكلم عن إيه الرواية دي مش هتعرف تجاوب يعني مينفعش تختصر الرواية في فكرة خلود الشخص، لأنك هتلاقي كونديرا بيتكلم عن حاجات كتيرة في الرواية تحسهم ملهمش علاقة ببعض وفي الآخر تلاقيه رابطهم ببعض مينفعش تعدي صفحة أو تقفز على سطر من الرواية كما يقول، دا مش علشان هو بيحكي قصة جميلة ومرتبطة ببعضها، لأ دا لأمه في كل صفحة ممكن يتكلم في موضوع مختلف ومينفعش متقرأش هو كاتب إيه كونديرا يقرأ ثم يقرأ ثم يقرأ في الخلود اتكلم عن الوجه، الإيماءات، الانتحار، الصورولوجيين والإيكولوجيين اتكلم عن الضحك والإبتسامة عن غوته وهينغواي عن بيتهوفن عن العالم الآخر باختصار ميلان كونديرا هياخدك لرحلة بعد ما تنتهي منها مش هتعرف تعبر عن سعادتك بأي كلمة كل اللي هتتمناه وقتها إنك تعيد الرحلة دي مليون مرة. وشكرًا للصديق أحمد عرابي لأنه وضحلي مفاهيم كتيرة كانت مستعصية عليّ إدراكها وفهمها، شكرًا تاني لقراءتنا المشتركة، وللرحلة الجميلة في عالم كونديرا. لك كل التقدير والاحترام. كونديرا آسيادنا راضيين عنك وحياة ربنا :D

نسير طوال طريق الحياة نعانى من ثقل أنانا و نخشى التخلص منه عسى أن نفقد الصورة التى تعبر عنا فنتحول إلى هباء منثور لا يسعى أحد بعد رحيلنا إلى محاولة هتك عرض خصوصيتنا و كشف أسرارنا بل و ممارسة النميمة علينا، إنها الرغبة الملحة التى لا تكف عن العبث بأحلامنا، إنها محاولة التحلى بالشىء الوحيد الذى لم يتضمنه خلقنا، إنها محاولة الخلود.






