أقنعة السرد مقالات نقدية عن روايات مصرية وعربية وعالمية

"يضم هذا الكتاب مجموعة من الدراسات والمقالات كُتِبَتْ على فترات طويلة، معظمها يتناول رؤى نقدية لروايات، أو مراجعات سريعة تضع يد القارئ على مفاتيح الكتابة، كلها روافد لرحلة غوص طويلة في عالم الأدب الساحر. حاولتُ أن تلبي المقالات أطيافا متنوعة من الأعمال الأدبية المصرية والعربية والعالمية، لكتاب كبار أو جدد، وأن تقنع القارئ المتعجل، والقارئ المستزيد والمتعمق في نفس الوقت. أطمح بشكل خاص إلى أن تصل فكرة النقد بأفضل وأسهل طريقة إلى القارئ غير المتخصص، وأن يستوعبها باعتبارها إضاءة على العمل الأدبي، ومحاولة لاكتشاف جمالياته، ربما يقودني الطموح أيضا إلى أن تكون هذه المراجعات النقدية وسيلة لتطوير ملكة التذوق لدى قارئها، واكتشاف الأدوات التي تجعله قادرا على الغوص بنفسه في عالم الكتب والروايات، يكفي فقط أن يبدأ، لتنضج ذائقته النقدية على نار هادئة على أن تصقلها القراءات، المهم عندي هو أن تنطلق أجهزة استقبال الجمال التي تعطلت داخل الكثيرين، في الغالب بفعل التعليم البليد، أو الإعلام السطحي، أو نتيجة إيقاع الحياة اللاهث الذي رسّخ مبدأ «التيك أواي» في كل المجالات، والذي جعل ضغطة زر تمنحنا معلومة مبتورة، لانعرف مصدرها، ولا نستطيع تعميقها. أحببتُ الأدب عندما قرأت لأول مرة في بداية المرحلة الإعدادية مسرحية «أهل الكهف» لتوفيق الحكيم، ولكني تذّوقتُ الأدب عندما قرأت الإضاءات النقدية حول المسرحية، ساعتها فقط عرفت أن الحكيم جعل الإنسان في مواجهة عدو لا يرحم، أقوى ربما من الموت، هو الزمن، وساعتها فقط أردت أن أكون واحدًا ممن يحاولون إقناع القارئ بما وراء المسرحيات والروايات، وهكذا أيضًا آثرتُ التبسيط والسهولة في كل ما أكتب. لا أعرف بالضبط هل تحقق ذلك فيما اخترت من مقالات أم لا، ولكني اجتهدت ما وسعني الاجتهاد، ولم أنس أبدا أن يكون الهدف الأول هو هواة القراءة والأدب من غير المتخصصين. ظللتُ حريصا على تجربة مناهج مختلفة ومتنوعة ومرنة في التعامل مع النصوص، مؤمنا دوما بأن كل نص يفرض أدوات قراءته، ومتعمدا بساطة التعبير والأسلوب، ومستخدما تلك اللغة الثالثة الشارحة الواضحة، أو هكذا أتمنى. لا يفوتني أن أشكر الصديق العزيز الناقد والصحفي إيهاب الملاّح الذي تكبّد مشقة تصنيف وتبويب هذه المقالات حبا وكرما منه، لا شيء يكافئ تعبه وجهده، ولولاه ما كان لهذا الكتاب أن يظهر في صورته النهائية. "